“عسکر مُکرم” في معرض “الأهواز عبر التاریخ” / حمزه سلمان پور

في اللیلة الخامسة من لیالي معرض “الأهواز عبر التاریخ” الثاني وبعد تلاوة عطرة من آیات الذکر الحکیم، التي قرأها القارئ صادق بیت سعید، ابهرت فرقة العباد للموشحات والإبتهالات الدینیة الجمهور بأدائها الرائع وسط ترحیب الحضور.ثم استدعي المحاضر لهذه اللیلة وهو الأعلامي الأهوازي السید مهدي شعاع فاخر، وعنوان المحاضرة “عسکر مُکرم و ادبائها” .و قال السید […]

في اللیلة الخامسة من لیالي معرض “الأهواز عبر التاریخ” الثاني وبعد تلاوة عطرة من آیات الذکر الحکیم، التي قرأها القارئ صادق بیت سعید، ابهرت فرقة العباد للموشحات والإبتهالات الدینیة الجمهور بأدائها الرائع وسط ترحیب الحضور.ثم استدعي المحاضر لهذه اللیلة وهو الأعلامي الأهوازي السید مهدي شعاع فاخر، وعنوان المحاضرة “عسکر مُکرم و ادبائها” .و قال السید مهدي في بدایة حدیثه، أنّ التحري عن قضية تاريخية ما، والتعرّف على ما تحتويه تلك الحقبة من أدباء وشعراء، قد اندرست أعلامهم ولم تضبط نتاجاتهم ولم تدرس أحوالهم ليس بالأمر السّهل والهين؛ لأنّ مرجع ذلك هو التاريخ والماضي و عند ما اخترت الموضوع حول الأدباء والشعراء الذين عاشوا وترعرعوا في معسكر مكرم والذين عرفوا ما بعد بالعسكريين أمثال أبو أحمد حسن العسكري وأبي هلال العسكري کموضوع رسالتي للماجستیر، واجهت صعوبات کثیرة بسبب شحة المعلومات و قلة المصادر عن هذه البلدة.

ما ذکر من تاریخ “عسکر مکرم”

و اضاف قائلاً، اننی بالتحقيق والتحرّي في كتب التاريخ والأدب، وجدت أمّهات الكتب من أمثال معجم البلدان للياقوت الحموي، وأحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي البشاري، والمسالک والممالک للاصطخري ورحلة إبن بطوطة، والمنتظم لابن الجوزي تاريخ الأمم والملوك لطبري هي خير منهل للارتشاف في مجال التاريخ للمعسكر وللأدباء الذين نشأوا في تلك الآونة من التاريخ.ثم شرح هذا الخبیر في الأدب العربي معنی کلمة “عسکر مکرم” لغویاً و هي “الشدة و الجدب” و الکثیر من الشئ، کعسکر الرجال و عسکر اللیل و مکرم منسوب إلى مكرم بن معزاء الحارث أحد بني جعونة بن الحارث بن نمير بن عامر…

موقع “عسکر مکرم” الجغرافي

و أشار الی موقع هذه البلدة و هي تقع علی مقربة من مدینة تستر(شوشتر) و حاليا توجد لها آثارا حضارية وخرائبا تاريخية وتلالا أثرية تدفن تاريخا عريقا للعرب والمسلمين حوالي قرية بندقير.و استمر السید مهدي فاخر في سرده الرائع لهذا القسم من تأریخ الأهواز یقول: ذکر “عسکر مکرم” المؤرخون کالإدريس المقدسي، إبن حوقل والإصطخري وغيرهم من علماء البلدان بأنها راقية، متقدمة غنية بالخيرات وهي أعمر کورة بالأهواز بسبب طبيعتها الخلابة و لها مکانة عند المؤرخين وعلماء البلدان والشعراء، فما حال کورة تقع علي ثلاثة أنهارـ مسرقان ،کارون والجزء الذي حفر في القرن الأول للجرة، يبلغ عرض کل نهر عشرين مرکبا وما ذاک إلا أن تجدها خضرة مغوغبة ،خصبة مثمرة ، کثيرة الرزق والخيرات نقية الجو والمناخ مليئة بالرياض والأنوار والبساتين والنخيل وفي هذا قال المأمون العباسي : “الأهواز سلة الخبز” وإن کان جمال الطبيعة وزهائها ورخائها ذهب بأهل الأندلس إلي المجون والفساد غالبا فذهب بأهل الأهواز بالدين والعلم معا حتي ما قيل فيهم: “لا يرى في الإسلام أصح من موازين عسکر مکرم ثم الکوفة”.

أبو أحمد حسن العسكري

وبعد ذلک اشار مختصراً الی بعض أدباء “عسکر مکرم” و منهم أبو أحمد حسن العسكري و هو أحد أبرز نقاد عصره الذين ساهموا في إنشاء المدرسة النقدية الأولى في النقد العربي القديم وأحد أالأئمة في الأدب والحفظ والنحو وأيضا هو خال ومعلم أبي هلال العسکري.فکانت له مکانة علمية دينية مرتفعة جدا عند العلماء و أمراء زمانه حيث قيل أن الصاحب إسماعيل بن عباد کان يسعى لزيارته فلم يستطع فأتي بحجة الخراج وأخبار عسکر والأهواز عند الحاکم البويهي، فأُذن له ونزلها حبّا لأبي أحمد وشوقاً لزيارته.

ومن آثار أبي أحمد العسكري، تصحيفات المحدثين الذي أتی في هذا الکتاب بالأحاديث المحرفة، التفضيل بين بلاغتي العرب والعجم وفيه مقايسة بين بلاغة العرب والرومان واليونان و الفرس، وأيضا هي من الرسائل الأولي ألتي أولفت في علم البلاغة و له قولاً شهیر في هذا المجال ” البلاغة هي ان تجیب والا تبطئ و تصیب ولا تخطئ” ایضاً من آثاره شرح مايقع فيه التصحيف والتحريف، المصون في الأدب و هو أثر ممتاز و عظيم في النقد الأدبي و له کتب مخطوطة وکتب مفقودة مذکورة في کتبه وکتب الأدباء والمؤرخين الآخرین.

ابوهلال العسکري

و اما حول شخصیة ابوهلال العسکري قال: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري اللغوي تلميذ أبي أحمد الحسن بن عبد الله له مؤلفات کثیرة حول الأدب و البلاغة في اللغة العربیة و من آثاره: الفروق اللغوية، الأوائل، جمهرة الأمثال، ديوان المعاني، الوجوه والنظائر و کتاب المعجم في بقية الأشياء و کتب کثیرة اخری.عاش أبو هلال نزیها، مهذبا، لم يتکسب بعلمه ولا بأدبه ،مقاوا الحياة الضيقة ، متماسکا بعلمه وشرفه بالرغم من وضعه المادي العسیر و کان یمارس مهنة بیع القماش اي کان بزازاً و یذکر انه عند ما کان يري بعض الناس في السوق لم يقدره حق جدارته فیتألم حیث یقول:

جلوسي في السوق أبيع وأشتري / دليل علي أن الأنام قرود

لا خير في قوم يذل کرامهم / ويعظم فيهم نذلهم ويسود

و ایضاً طالب هذا الإعلامي الذي یعمل مخرجاً ومقدماً في الاذاعة و التلفزیون، وعرف بإخراجه و تقدیمه الخاص لبرنامج مراحب التي تبث یومیاً من قناة خوزستان، طالب کل النشطاء و المثقفین ان یساهموا في الثورة العلمیة التي قام بدعمها بإستضافته الوجوه العلمیة الأهوازیة في برنامج مراحب. و في النهایة قال السید مهدي فاخر، یجب ان تخصص حصة دراسیة في الجامعات حول “عسکر مکرم” و طلب من النشطاء في کل المجالات الإهتمام بدراسة تاریخ هذه المدینة العظیمة مشیراً الی المخرج “حبیب باوي ساجد” الذی کان متواجداً في صالة المحاضرة ان من الممکن انتاج فلماً وثائقیاً في هذا المجال.

تقریر: حمزة سلمان پور