سوق الفلاحیه المسقوف …

السوق المسقوف: هو سوق شعبی قدیم ، على ضفاف نهر الجراحی الحزین، یتراوح عمره بین المئه والمئتین عاما،و هو السوق الوحید الذی مازالت تعابیروتجاعید القِدَم تلوح على وجهه وشاکلته،مما أعطاه میزه عن سائر الاسواق الحدیثه والعصریه.السوق الذی تتهافت علیه کل شرائح المجتمع، الصغار قبل الکبار.بَسْطاتِه الصغیره المفروشه على أرصفته و السِلَع المتنوعه وباعته البسطاء النبلاء ، یجذبون و یسحرون کُلّ عابر و زبون.لایخلو هذا السوق من المارّه کل یوم، حیث یزوره اکثر، من الف زائر و وافد.منهم من یبتاع ومنهم من یریدأن یکحّل عیناه بمناظره والوانه و زخارفه الخلابه الجذابه.و منهم من یرید التنفیه عن أحاسیسه المرهفه بین أزقته الضیقه وممراته الطویله.

لا أحد یستطیع أن یقاوم اغراء و جمال و فتون هذا السوق الا وقد أخذ لنفسه صوره تذکاریه .ولا احد یمرُّ به إلا وقد إبتاع شیء منه بدون أنْ یحسّ حتىٰ.ما یمیّز هذا السوق عن سائر أمثاله العصریه و الحدیثه الموجوده جنبه، أنّ سقفه کان قبل عشرون عاما یتشکل من حصیر البواری و جرید النخل ، فکانت أشعه الشمس تمر من خلال ثقوب هذه الحصران مما اعطى طابعا لیس له نظیر ، لکن استبدلت هذه السقوف حدیثا بصفائح من ورق الحدید و القرمید ،مما اعطاه جمالا ثانیا ، خاصه حین تزخّ السماء مائها على هذه السقوف ، فتسمع أنغام والحان خریر الماء من هنا وهناک وکأنک فی حفل بهیج ، تأخذک الألحان الى زمن الطفوله والعنفوان ماسحه عنک هموم الدنیا و ترحها.و عند مدخل السوق تأسرک الدکاین المصطفه جنب إلى جنب والملیئه بالأکسسوارات و الحُلی و الدُمىٰ و شتّىٰ أنواع السِلَع والألعاب.

و فی قلب هذا السوق ،یقع سوق الأقمشه،، سوق قدیم لبیع الأقمشه والألبسه لکل فئات المجتمع الرجالیه منها والنسائیه.ما یبهرک ویدهشک ،اصطفاف محلات الخیاطه و التساقها بمحلات بیع الاقمشه ،مما یسهّل علیک أمر الخیاطه.و هناک سوق ثان صغیر ایضا للحرفیین کالنجاریین و الحدادیین ،و الذین یوءمنون شتىٰ أدوات الفلاحه و الزراعه.کالمسحاه و المعاول و السکاکین والسلاسل و…و هناک سوق العَلّافه فی جهه شمال هذا السوق، وترىٰ فی هذا السوق محاصیل الزراعیه ،من أرز و شعیر و قمح و أنواع بذور الخضروات.و ثمار النخل من تمور و دبس و مکانیس و حصران و سلال و…. وهناک محلات للعطور و البخور و لبیع الأحذیه لکل الفئات ،و محلات لحیاکه شبکات صید الاسماک. و کأنک فی مُجمّع سوقی کبیر عملاق ،قلّ ماتجد له مثیلا فی هذه الأیام.و الجدیر بالذکر فی هذا السوق حسینیتان ینیف عمرهنَّ اکثر من مئه وسبعین عاما ولا زالتا محلا للتلاقی و للصلاه وللوحده.أما بعد الطفره الإقتصادیه و نمو و ازدهار و تطور المدن و مایجری لحداثه الأبنیه ، تقلصت مساحه هذا السوق من عشره الى ثلاثه کیلومترات مربع تقریبا ، لکن مازال السوق منتعشا و ملامح القِدَم و ترکیبه المحلات والدکاکین فیه على حالها و طرازها القدیم.

? بقلم:طالب عساکره النعیماوی(ابومختار)