راء مثل رجُـل.. میم مثل المیـم..

مهاجـر رمضـان : رأیت فیه الشغف والعزیمه على تعلّم اللغه الإنجلیزیه فی إحدى معاهد اللغه المعتمده فی الأهواز بعدما خاب أمله فی مواصله ابنه المشوار ذاته. أعجبنی دأبه وهو فی عمرٍ یناهز الخمسه والأربعین وهذا یعد تحدیًا کبیرًا. بلّغته بإعجابی وشجعته على أن لا ینقطع عن مشواره هذا، فردّ إلیّ وکأنه أراد أن یوحی إلیّ […]

مهاجـر رمضـان : رأیت فیه الشغف والعزیمه على تعلّم اللغه الإنجلیزیه فی إحدى معاهد اللغه المعتمده فی الأهواز بعدما خاب أمله فی مواصله ابنه المشوار ذاته. أعجبنی دأبه وهو فی عمرٍ یناهز الخمسه والأربعین وهذا یعد تحدیًا کبیرًا. بلّغته بإعجابی وشجعته على أن لا ینقطع عن مشواره هذا، فردّ إلیّ وکأنه أراد أن یوحی إلیّ أنه منفتح بما فیه الکفایه، قائلاً: “لا تشوفنی هیج، أنا زوجتی شاعره وصُدر لها خمس دواوین شعریه باللغه الفارسیه”.
استوقفنی الأمر لوهله فسألته بکل شغف: عظیم فعلاً ! ما اسم زوجتک؟؟ بین سؤالی العفوی وإجابته المتلکئه وجد ثغرهً لیتریث بها قلیلاً فتنفّس الصعداء ثم حددّها باسمها العائلی دون أن یکشف عن اسمها الشخصی المجرّد.
لم أسأله عن سبب التنهیده قطّ، ذلک أنی على درایه کامله بخفایاها وما یزاحمها من تآکل وصراع داخلیین لدى کل رجل أهوازی فی مثل هذه المواقف. فإن الإجابه تستعصی علیه وإن کان بیده لآثر الموت دون احتمال عبء الإجابه على سؤال یکشف عن اسم زوجته أو أخته وما ینتسب إلیه من أقاربه الأناث.
ولا غرو أن لتفادی مثل هذه المواقف التی یراها مأزقًا مهینًا لکرامته قام أسلافه بمؤازرته وذلک بإبداع الأسلوب الرمزی فی التسمیه والمنادى من خلاله تقوم ألفاظٌ مقام الألفاظ الأصلیه الحقیقیه منها: ” *رضیعتی* ” بدلاً من ” *أختی* ” و” *والدتی* ” بدلاً من ” *أمّی* ” و” *عِیَالی* ” بدلاً من ” *زوجتی* ” أو اسمها الشخصی بَیدَ أنهم غیر دارین أن ” *الرّضیعه* ” بمعنى راضعه معه أیّ أخته من الرِّضاعه فلا یجمعهما أبّ واحد وأمّ واحده و” *العِیَال* ” بمعنى أهل بیته وأولاده.
وما یجدر ذکره فی التمییز بین ” *الوالده والأمّ* ” أن الوالده لفظ یطلق على کل امرأه تنجب بغض النظر عن طیبها و شرهها، أما حین یطلق لفظ “أمّ” فإنه یعنی النبع، المرکز والأصل وخذ الشاهد المکهَ المکرمه التی سماها الله بأمّ القرى. وما یتضح من الشواهد القرآنیه أن لفظ “الأم” یقترن بالمرأه الصالحه، کما ورد فی قوله تعالى عن السیده مریم:« وَأُمُّهُ صِدِّیقَهٌ» وکذلک عن أم النبی موسى علیهما السلام: «وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا» وکذلک عن نساء النبی صلّى الله علیه وآله وسلم: «النَّبِیُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ».
وإن طال حدیثنا هذا، لکن بطاقات دعوه الزواج هی الأخرى التی ذعنت لسلطان الرجل وأبت أن تضم اسم العروس باعتبارها شریکًا فی بناء عشهما الذهبی وعماده العمید ولهذا عادهً ما نرى الحرف الأول من اسم العروس دالاً على وجودها إلى جانب اسم الکامل للعرّیس کـ ” ز ” أو ” ل ” أو ” م ” وما شابه ذلک. ولیس من الغریب أن یلتبس الأمر على المدعو ما إذا کان المقصود من “ز” هو زلابیـه؟ زولیّـه؟ زرزور؟
وللأمانه، من منّا یقبل لنفسه أن تتم معاملته کما تتعامل المرأه فیُذکر حرف من اسمه ویشطَب الباقی؟
ولمن المصاب الجلل أن نرى المجتمع متأقلمًا متناسقًا مع هذا اللون من التعریف المهین للمرأه فی البطاقات ومتقبّلاً فحواه: “إن من المعیب أن تعرف الناس اسمها”. والکلّ یعرف المقصود من “الناس” هم “الرجال” وطبعًا عیب.. عیب. وهنا السؤال یجد مساحه رحیبه للصوْل فی العقول: ما الذی یتغیر فی خارطه العالم إن عرف الرجال اسم زوجتی أو اسم أختی؟ وبالمقابل ما ثمرتُ یا أیها الناس إذا عرفتُ أن فی حیّ البروال أو عبادان أو معشور ثمه فتاه اسمها خلود مثلاً؟
وما رأی دعاه الغیره والأنفه برسول الله صلّى الله علیه وآله حقًا عندما قال: إنّ الله اختار من النساء أربعًا : “مریم وآسیه وخدیجه وفاطمه ” فیذکر زوجته وابنته (خدیجه وفاطمه) بالاسم الصریح المجرّد وهما شرفه وأهل بیته؟؟وهل هناک أشرف من الرسول صلوات الله علیه وعلى آله، وأکثر منه غیرهً وحمیهً یعنی؟؟
میم.. مثل المـرأه
میم.. مثل زوجتی منـىٰ
میم.. مثل أختی مریـم.

ِ