لا لظاهره إطلاق العیارات الناریّّه فی المناسبات الاجتماعیّه
یاسر زابیه :إنّ ظاهره إطلاق الأعیره الناریّه فی الأفــراح والأتراح مرتبطه بتقالید وعادات أفرزتها القبیله منذ القدم فی المجتمعات العربیّه ومنها مجتمعنا الأهوازیّ ،حیث اعتادت القبیله فی السابق إطلاق الأعیره الناریّه لِإعلام الآخرین بوجود مناسبه لدیهم سواءً کانت فرحاً أم ترحاً،وتطوّرت هذه القضیّه فی السنوات الأخیره نتیجه امتلاک کثیر من الأُسَر للسلاح وغیاب القانون الرادع […]
یاسر زابیه :إنّ ظاهره إطلاق الأعیره الناریّه فی الأفــراح والأتراح مرتبطه بتقالید وعادات أفرزتها القبیله منذ القدم فی المجتمعات العربیّه ومنها مجتمعنا الأهوازیّ ،حیث اعتادت القبیله فی السابق إطلاق الأعیره الناریّه لِإعلام الآخرین بوجود مناسبه لدیهم سواءً کانت فرحاً أم ترحاً،وتطوّرت هذه القضیّه فی السنوات الأخیره نتیجه امتلاک کثیر من الأُسَر للسلاح وغیاب القانون الرادع حتی أصبحت کأنّها المُعبّر الوحید عن الفرح والحزن رغم انتفاء السبب وکثره الوسائل المتاحه السهله الیسیره الّتی یُمکن من خلالها الإعلام عن المناسبه کالهواتف الثابته و الجوّالات والرسائل النصیه ومُکبّرات الصوت وشبکات التواصل الاجتماعیّ.
شاعت هذه الظــاهره فی البلدان العربیّه التی تتکون من مجتمعات ذات طـابع قَبلیّ کالمجتمع الـعراقیّ و الیمنیّ والأردنیّ والسعودیّ واللیبیّ والأهوازیّ وغیرها من المجتمعات الأخری.وقد أصبح هذا الأمر لایختصر على الأعراس ومجالس العزاء فحسب ،بل أخذ یظهر فی فوز فریق کره القدم أو فوز کتله برلمانیّه أو عیــد میلاد و مناسبات أخرى لایتسع المجال لذکرها الآن.وخلاصه القول أنّه قد أصبح الأمر عشوائیّاً و حَدَثاً شعبیّاً لا مناصَ منه.لم تکن هذه الظاهره شائعه بین جمیع أوساط المجتمع الأهــوازیّ ،بل کان هناک مَن یرفضها رفضاً تامّاً ولم یخضع لها وقاومها، وهنــاک مَن لم یقبلها ولکنه لم یتخذ خطوات عملیه للحدّ من خطورتها أو القضاء علیها.
یبدو أنّ مجتمعنا کان أخفّ وطأهً من نظیراته العربیه ،ولکن سقوط النظام العراقی سنه ٢٠٠٣المیلادیه الذی تسبّب فی الفراغ الأمنیّ وامتلاک کثیر من الأُسَر العراقیّه للسلاح واستخدامه العشوائیّ فی کثیر من المناسبات قد أثّر فی مجتمعنا الأهوازیّ سلبیّاً نظراً للعلاقه والقرابه بین المجتمعین ،وقد ساهم هذا الأمر بتفشّی هذه الظاهره فی المجتمع الأهوازیّ ونموها.إنّ ممارسه عملیهإطــلاق العیارات الناریّه فی الأفراح والأتراح لاتُعبّر الیوم عن الإعلام عن مناسبه ولا عن وعـی مَن یمارسها مـع الـمدنیّه المنشوده التی نحلم ببناء مؤسساتها الیوم وفی المستقبل القریب،ولایقرّها دین ولا عقــل ولیست من مکارم الأخلاق التی أُوصینا بالالتزام بها و الحفاظ علیها،بل هی تصرّف عشوائیّ همجیّ قد یجلب لنا خساره فی الأموال و الأرواح فضلاً عن إزعاج الآخرین وایذائهم.
إنّ التعبیر بالصراخ والبکاء والعویل فی الأتراح یعدّ موروثاً عربیّاً ولیدَ العاطفه الجیّاشه والقرابه النَّسَبیّه وکان فی ذروته قبل بزوغ شمس الإسلام ،وقد نهى الإسلام عن الجزع فی مواطنَ کثیره .وهذه هی الشاعره الفذّه الخنساء التی ملأت الدنیا بکاءً وعویلاً بعد موت أخویها معاویه وصخر وخلّفت وراءها دیواناً شعریّاً فی الرثاء نراهابعد دخول الإیمان فی قلبها لم تجزع ولم تقم بالعویل إثر استشهاد أربعه من فلذات کبدها فی حروب الفتح الإسلامیّ ،بل تحلّت بالحلم والورع واستعانت بالصبر والصلاه کما اراد الله عزّ وجلّ منها، فمابالک بالتعبیر من خلال إطلاق الأعیره الناریّه فی المدن والأریاف؟ الذی یعدّ نوعاً من أنواع الهمجیّه وشکلاً من أشکال التخلّف وعاده ماینتهی بإزهاق أرواح الأبریاء الذین تنتظر الأُسر عودتهم الى بیوتهم ،ناهیک عن الإزعاج الذی تُخلّفه هذه الممارسات والذی یؤذی سُکّان الأحیاء و المواطنین والمرضى، ویتسبّب فی سدّ الشوارع والطُرُقات وماشاکل ذلک من أمور لاتتماشى مع المدنیّه.اما الیوم بات الأمر واضــحاً أنّ مَن یمارس إطلاق الأعیــره الناریّه فی الأفراح والأتراح یبحث عن التفاخُّر دون مراعاه حقوق الآخرین ویتناسى أنّه یقوم بعمل همجیّ لایمت الى العقل والثقافه والمدنیّه بصله.ومن هنا تأتی مسؤولیه المجتمع بالتصدّی لهذه الظاهره التی تدقّ ناقوس الخطر وتذهب بأرواح الأبریاء وتجلب لذویهم الحزن والشجون والیتم.
فعلى رجال الدین والمثقفین والوجهاء والناشطین أن یُبرزوا أضرار هذه الظاهره والتصدّی لها من خلال الوسائل المتاحه لهم وعبر وسائل الإعلام وشبکات التواصل الاجتماعیّ ومنابر المساجد و المدارس والمعاهد والمناسبات،مع ضروره التشدید الأمنی الحازم من قبل المسؤولین على مَن یقوم بهذه الأعمال وملاحقته من خلال إصدار تشریعــات تقوم بالحیلوله دون القــیام بها فی المناسبات الاجتماعیه حتی نستطیع کبح جماح هذه الظاهره والحدّ من خطورتها واستئصالها خاصه عند إلقاء الأهازیج حین العراضه وعندما یُزفّ العریّس مع عروسته الى بیتهما دون أن نرى زفاف روح بریئه الى قبرها برصاصه طائشه تبدّل الأفراح أتراحاً وتغتال البراءه فی وضح النهار مستغلهً صمت المجتمع غیر المبرر.وبعد کلّ هذا یتّضح لنا أنّ ترک هذه الممارسات بات أمراً ضروریّا یُمکننا من خلال التشریعات و وضع القوانین والتوعیه والتوجیه والإرشاد وایجاد البدائل الوصول الیه، والحیلوله دون وقوع حوادث مأساویّه راح ضحیتها عدد من أبناء شعبنا الأهوازی ّ الذی هو أساساً بغنی عنها.
لاشک أنّ هذه الظاهره خطره جداً ،وإن لم نعالجها الیوم ستکشف لنا الأیام المقبله قبحها وخطورتها .و لابُدّ من التنویه بانّ فی الآونه الأخیره قام بعض الذین تحسسوا هذه الخطوره بخطوات للحدّ منها لکنّها خطوات خجوله لم ترتقِ الى المستوى المطلوب ولم تحقق الهدف المنشود رغم انّها عبّدت الطریق للناشطین الذین أخذوا على أنفسهم مسؤولیه الذود عن قیم هذا المجتمع والفضیله، والوقوف بوجه السلبیات والتصدّی لکلّ أشکال الرذیله، واستکمال مسیره الإصلاح فی المجتمع بعقولٍ نیّره وأفکار جمیله .
ارسال دیدگاه
مجموع دیدگاهها : 0در انتظار بررسی : 0انتشار یافته : ۰